الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

كتاب:" مشاهير أعلام الزاوية الناصرية بتمكروت المملكة المغربية"

مشاهير أعلام الزاوية الناصرية بتمكروت
المملكة المغربية
للاستاذ الرحالة مولاي المهدي بن علي الصالحي التمنوكالتي طبعة الكتاب 2012م
[ يطلب مجانا من مؤلفه بحسب ماهو مبين في الصورة]

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019

إطلالة على التصوف المغربي وتاريخه -2-

إطلالة على التصوف المغربي وتاريخه -2-
  محمد علي ابن الصديق
العدد 285 محرم 1412/ غشت مجلة دعوة الحق المغربية 
3) ذكر بعض المراحل التاريخية للتصوف المغربي:

يمكن تقسيم المراحل التاريخية التي مر بها التصوف قبل وصوله إلى المغرب، إلى عدة أطوار وحقب.
ففي الطور الأول ويمتد إلى أواخر القرن الثاني، لم يكن التصوف متميزا بمميزات تخصه، إذ كان – كما سبق – عبارة عن التقيد بالكتاب والسنة واتباع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لأصحابه تميز عن غيرهم، ولا أمكنة خاصة بهم ولا اصطلاحات ولا مقامات.
ولكن ابتداء من منتصف هذا الطور، أخذ الزهد وحب الله يتفلسف (1) مع الحسن البصري (ت110هـ) ورابعة العدوية (تـ135هـ). وكان من أعلامهم في هذا الطور بعد الصحابة وبعد الحسن البصري ورابعة العدوية، إبراهيم بن الأدهم (تـ161هـ) والفضل بن عياض (تـ187هـ) وشقيق البلخي (تـ194هـ) ومعروف الكرخي (تـ200 هـ)وغيرهم.
ثم جنح بعد إلى الفكر والتأمل، وظهرت المقامات والاصطلاحات الصوفية، وأخذ في تدوين الكتب التي تعنى بشرحه وبيان حقائقه. ومن رجالاته في هذا الطور، ذو النون المصري المتوفى سنة 245 هـ وهو أول من تكلم في المقامات الصوفية بمصر، والحارث المحاسبي (تـ243هـ)، صاحب الرعاية، وبشر الحافي (تـ227 هـ)، وأبو يزيد البسطامي (تـ261 هـ)، وقيل: هو أول من تكلم في مقام الفناء، والحسين بن منصور الحلاج (تـ 309 هـ)، والجنيد (تـ297 هـ)، وهو أول من صاغ المعاني الصوفية وهذبها، حتى نسب التصوف إليه، فقيل فيه طريق الجنيد. نقول صاحب المرشد المعين: "وفي طريقة الجنيد السالك" (2)، ومثله قول ابن السبكي في جمع الجوامع: "ونعتقد أن طريق الجنيد وصحبه طريق مقوم"ويصف الجنيد طريق القوم فيقول: "طريقنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، ولم يتفقه، لا يقتدى به".(3)
ثم أخذ التصوف ينتشر بعد على نطاق واسع، وأخذت تبدو من منتحليه أقوال موهمة الظاهر، غامضة المعاني، وهي ما اصطلح على تسميتها "شطحات" فأنكرها علماء الظاهر وحاربوا أصحابها، وحذروا منهم، ولم يتوقفوا في الحكم عليهم بالإلحاد والزندقة، لأنهم لم يدركوا مقاصد القوم بها، ولم يشاءوا أن يتناولوها خوفا على العامة من ظاهرها، ومن ثم أفتوا بكفر الحلاج والسهر وردي (تـ563 هـ)، وقتلهما، وقتلا فعلا.
وسعوا بذي النون إلى المتوكل فأشخص إلى بغداد، وسجن بها مدة ثم أطلق سراحه, وهكذا بدأ النزاع بينهم وغيرهم من علماء الرسوم والظاهر، كما يسميهم الصوفية، أو رجال الفقه والحديث. إلى أن جاء الغزالي المتوفى سنة 505هـ، فعني بالتصوف وهذبه، وبين حقيقته ومراميه، وشرح كثيرا من مقاماته وحقائقه في أسلوب مؤثر، مدعم بالنصوص والأدلة. فأبان بذلك فضل التصوف على علم الفقه الذي يقتصر على ظواهر الأحكام، دون النفوذ إلى بواطنها، والحكمة منها، والعمل على تحقيق غايتها وثمرتها، وهي خوف الله ومراقبته والإنابة إليه.
وجعل الاشتغال بالباطن وتهذيبه من العيوب والنقائص الباطنية: كالكبر والحسد والرياء الذي موضوع علم التصوف، أهم من معرفة كثير من الأحكام النادرة التي تمتلئ بها كتب الفروع. وقلما تقع أو تدعو الحاجة إليها... بينما كل واحد يحتاج إلى تطهير نفسه وتزكيتها. فكان لذلك الاشتغال به فرضا عينيا. وأقر القول بالكرامات والكشف،  واعتبره أفضل طريق إلى معرفة الله.
وهو إنما يكون نتيجة مجاهدة وإقبال بالكلية على الله سبحانه. كما حمل على أدعياء التصوف وشنع عليهم. وجعل التصوف قوامه العمل والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك أرضى كلا من الفريقين الصوفية والفقهاء على الآخر.
وشرح في كتابه (المنقذ من الضلال) كيف اهتدى إلى التصوف، وأنه العلم الوحيد الموصل إلى الله، ومن أجل ذلك هجر ما كان مشتغلا به من تدريس العلوم، وأقبل بكليته عليه، وألف فيه الكتب العديدة، وأعظمها وأكبرها كتاب (الإحياء) الذائع الصيت.
وظهر بعد الغزالي، الشيخ محيي الدين بن العربي الحاتمي المتوفى سنة 638 هـ، وكان معاصرا للشيخ عمر بن الفارض المصري المتوفى سنة 632 هـ، الشاعر الصوفي الكبير، والإثنان أو غلا في الشطح والقول بوحدة الوجود التي لا يدركها على حقيقتها إلا أصحابها، وتبعهما في ذلك عبد الحق بن سبعين المرسي المتوفى سنة 669 هـ، وتلميذه الشيخ أبو الحسن على الشستري الأندلسي أيضا المتوفى سنة 663 هـ، فكثر فيهم الطعن والقيل والقال، واختلف الناس فيهم من الكفر والزندقة إلى القطبانية أكبر درجات المعرفة في اصطلاح الصوفية.
وسلك التصوف معهم مسلكا فلسفيا غامضا قل من يفهمه على وجهه وحقيقته، وهو في الواقع تصوف الخواص والعارفين، لا تصوف العوام والمريدين.
وفهمه يحتاج إلى استعداد خاص، ولذلك نهى كثير من المشايخ عن مطالعة كتب هؤلاء، إلا لمن كان ذا أهلية واستعداد لذلك، خوفا من أن تفهم على غير وجهها وحقيقتها، فيضل القاصر عن القصد، ويتيه في متاهات ربما أدت به إلى الكفر والانحلال من الدين بالمرة، كما وقع لكثير من القاصرين الذين تطاولوا على غير مقامهم، فضلوا وأضلوا.
وهكذا أحذ التصوف وجهة فلسفية مع هؤلاء وأضرابهم، في الوقت الذي كان فيه أبو الحسن الشاذلي الغماري المتوفى سنة 656 هـ ينشر طريقته ومدرسته الصوفية القائمة على مشرب التصوف العملي، والتقيد بطريقة السلف في الزهد والعبادة والاشتغال بذكر الله، ولذلك ناصر طريقته جماعة من العلماء من أمثال: عز الدين بن عبد السلام (تـ660هـ) وغيره.
وألف الحافظ السيوطي في تأييدها كتاب (تأييد الحقيقة العلمية، وتشييد الطريقة الشاذلية) وهو مطبوع بمصر.
وأبو لحسن الشاذلي هو تلميذ المولى عبد السلام بن مشيش (4) المتوفى سنة 622 هـ، أخذ عنه ثم انتقل بعد ذلك إلى تونس، واستقر بشاذلة فنسب إليها. ثم انتقل منها إلى مصر واستوطن الإسكندرية حوالي سنة 642 هـ، فحصل عليه إقبال كبير، وأخذ عنه خلق كثير، منهم: عز الدين بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء، والشيخ أبو العباس المرسي (تـ686هـ)، الذي صحبه من تونس، وهو أجل تلامذته، ووارث سره وخلفه من بعده، وهو صاحب المشهد الكبير بالإسكندرية، وشيخ البوص يري صاحب البردة والهمزية، وابن عطاء الله صاحب الحكم.
ولم يزل أبو الحسن مستوطنا بمصر إلى أن مات وهو في طريقه إلى الحج (بخميثرا) قرب أسوان، وتبعد عن القاهرة بنحو أل كيلومتر، وعلى قبره قبة ومسجد، رغم أن الموضع صحراء وقفار.
وهو صاحب الطريقة التي تعبر من أكبر الطرق الصوفية وأكثرها انتشارا في المعمور. وعنها تفرعت سائر الطرق الصوفية بالمغرب. بل وتكون هي والمذهب المالكي في الفقه وعقيدة الأشعري في التوحيد الشخصية المسلمة في المغرب وتعتبر المذاهب الرسمية فيه.

4) تأسيس الزوايا بالمغرب:إن الكلام عن التصوف بالمغرب، يجرنا حتما إلى الكلام عن المعاهد والمدارس، التي تخرج منها وترعرع فيها أقطاب الصوفية بهذا البلد.
والتصوف بالمغرب مقرون بذكر الزوايا، فلا يمكن بأي حال من الأحوال الكلام على أي صوفي مغربي، دون الكلام عن المدرسة التي نشأ فيها وترعرع فيها هذا الصوفي، وهي الزاوية.
ولفظ الزاوية أو الزوايا، هو اصطلاح خاص بالمغاربة، أما في المشرق، فتعرف بـ "خانقاه" أو "تكية" وكلاهما لفظ أعجمي.
ومع أن الزوايا تأسست أول ما تأسست بقصد تلقين المريدين القيام بشعائر الصوفية، فإنها لم تلبث أن تحولت إلى مدارس دينية، لم تقتصر على تلقين الأوراد، والتفرغ للخلوة والعبادة. بل تعدت ذلك إلى تلقين العلوم الإسلامية بكامل فروعها.
وأقيمت حولها المدارس والأبنية لسكنى الطلبة، فأصبحت الزاوية تقصد لأخذ التصوف والعلم معا. كما أصبحت مقصودة للضيافة وإيواء الغرباء والمسافرين، حتى قيل في تعريفها: "إنها مدرسة دينية ودار مجانية للضيافة".
ولا زال هذا المعنى مفهوما عندنا بالمغرب، حيث يفهم من دار الزاوية أنها الدار المقصودة للضيافة، وإطعام الطعام، فيقال مثلا: "دارهم دار الزاوية".
ومن أقدم الزوايا التي اشتهرت بهذا الاسم في المغرب، زوايا الشيخ أبي محمد صالح الآسفي المتوفى سنة 631 هـ، وقد تعددت زاياه حتى بلغت ستا وأربعين زاوية.
وانتشرت في كل من المغرب ومصر والشام، إذ كان هذا الشيخ يشجع أصحابه على الحج إلى البيت الحرام، فأسس عدة زوايا ينزل بها الحاج المغربي في ذهابه وإيابه، من آسفي إلى الحجاز. ويعد ركبه الذي كان يقوم من آسفي أول ركب للحاج المغربي. (5) واستقر غير واحد من أبنائه بهذه الزوايا للقيام على شؤونها والوافدين إليها. وظلت زاوية الإسكندرية قائمة إلى القرن الحادي عشر، حيث زارها الشيخ أب سالم العياشي المتوفى عام 1074 هـ، وقال إنها من مزارات الإسكندرية، ينزل بها الحجاج المغاربة، ولهم أوقاف عليها.
وابتداء من القرن الثامن للهجرة، الموافق للرابع عشر الميلادي، تكاثرت الزوايا بالمغرب. وانتشرت في كل جهاته، وتأسست حول أمهاتها مدارس لطلبة العلم,
ويرى بعض الباحثين المعاصرين (6) أن أهل الزوايا كان لهم فضل السبق إلى تأسيس هذه المدارس، مما دعا المرينيين إلى العناية بها وإقامتها، بجانب المراكز العلمية بالمغرب، وخاصة القرويين.
وإذا كنا نعلم ما كان لمدارس بني مرين التي أسسوها في كل من فاس ومكناس ومراكش وعواصم العلم – آنذاك – من أثر على ازدهار الحركة العلمية، وتشجيعها، فضلا عن ناحيتها الفنية والمعمارية التي لا تزال مفخرة المغرب إلى الآن، وعلمنا ما كان لعملهم هذا من حمل من جاء بعدهم من ملوك المغرب على الاقتداء بهم في الميدان، وكان فضل السبق إلى تأسيسها يرجع إلى الزوايا – علمنا أي فضل أسدته الزوايا إلى النهضة العلمية بالمغرب، سواء من هذا الطريف غير المباشر، أو من طريقها المباشر، وهو ما قامت به مدارسها الخاصة من دور مهم في ميدان العلم والثقافة، لا يقل في بعضها عن دور القرويين المعروف، إن لم يفقه في بعض الأحيان كما سيأتي.
بالإضافة إلى ما قامت به في ميدانها الرئيسي، ميدان الوعظ والإرشاد، والدعوة إلى الله، وترويض النفوس وتهذيبها، وتحبيب العباد إلى ربهم، وجعل ذلك غايتهم الأولى التي يبذلون من أجلها كل جهودهم، فيضحون بأوقاتهم من أجلها، ويطوفون البلاد في سبيلها، طولها وعرضها، سهولها وجبالها، قاصيها ودانيها. فكانوا يتخذون من أنفسهم عادة ومبشرين – في اصطلاح الوقت – للإسلام وفضائله، يعلمون الجاهل، ويعطون من أنفسهم القدوة الصالحة والمثال الحسن، مما يجعل الإقبال عليهم والتأثر بكلامهم سهلا ومقبولا. فما إن يستقر مريد من مريدهم بين أهله وذويه حتى يكون موضع تقدير وإكبار. ثم لا يزال بهم إلى أن يحملهم على سلوك طريقته والاقتداء به في أعمال الخير والإنابة إلى الله.

5) دور الزوايا في الحفاظ على المقومات الإسلامية بين عموم قبائل المغرب:ولن يقدر أعمال التصوف حق قدرها، وما كان لزواياه من أثر على أخلاق الناس وتهذيبهم، وحملهم على التمسك بجادة الدين، والتعلق بأحكامه وتعاليمه، إلا من درس تاريخ المغرب في العصور التي اجتاحت البلاد فيها فتن داخلية وخارجية، وتقلص نفوذ السلطة المركزية إلى حظيرة المدن وحدها، ولم تبق هناك سلطة قادرة على حفظ النظام، وكف عادية الظالم عن المظلوم، فضلا عن تعهد الرعية من الناحية الدينية والعلمية والأخلاقية، وإمدادها بما يلزم من الوعاظ والعلماء، ولا سيما في النواحي النائية من مركز سلطتهم. فعمت الفوضى، وانتشر الجهل، وخلت جهات كثيرة من أهل العلم، وعاد أهلها إلى جاهليتهم الأولى، فحكموا الأعراف والتقاليد، وصار ينهب بعضهم البعض، ويغير عليه.
ثم جاء الغزو الأجنبي، فزاد في حيرة الناس واضطرابهم، وساءت الأحوال عموما، وأصيب الناس في دينهم ودنياهم، وخاصة في الجهات النائية التي لم تستضيء بنور العلم، ولم يكن بها علماء يثبتون الناس ويعظونهم. فكان من عناية الله بهذه البلاد وفضله على أهلها، أن صادفت هذه الأحوال المذهلة التي تردى فيها المغرب ابتداء من العصر الوطاسي، وما رافقه وتبعه من أحداث، وجود هذه الزوايا وانتشار أتباعها في طول البلاد وعرضها، فأخذت على عاتقها مهمة التذكير، وتثبيت الناس على دينهم وعقائدهم، فكانت بمثابة منارات إشعار وإرشاد في وسط ليل بهيم، يشع منها نور الإيمان والعلم والإسلام، ويهتدي الناس في ضوئها إلى الطريق المستقيم.
وبالرجوع إلى تاريخ قبائل المغرب، واستقراء أحوالها الماضية والحاضرة، نجد أن أغلب القبائل التي عرفت التصوف والصوفية – وكانت ميدانا لرجالاتها – ظلت في الغالب محافظة على دينها في تقاليدها وأحكامها، ولم تستبدل به عرفا، وظل أهلها محافظين على تعليم أبنائهم القرآن وتوظيف الفقهاء والطلبة بمساجدهم، على عكس القبائل الأخرى، التي تردت إلى أعراف جاهلية وإباحية، تجعل الواحد منهم يتزوج بلا عدد ويطلق بلا عدد. ويقدم الرجل زوجته إكراما لضيفه، ويغضب إذا تعفف فردها عليه.
وقل مثل هذا في معاملاتهم الأخرى، مما أطمع الفرنسيين أخيرا، في فصلهم عن الأمة تمهيدا لتنصيرهم، وفصلهم عن بقية المغاربة، واستصدروا له الظهير البربري المعروف. الذي كان له فضل بعث الحركة الوطنية في المغرب.
 1)بمعنى أنهما صارا يأخذان مفهوما واتجاها خاصين
 2 )ص 1 من نظم (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين) لعبد الواحد بن عاشر. ط. دار الكتاب – الدارالبيضاء.
3) الرسالة القشيرية. ص 60.الأدبية بمصر
4 )يضبط ابن مشيش بالميم- وهو المشهور عندنا بالمغرب – والباء فيقال: ابن بشيش.
5  ) محمد المنوني في كتابه (ركب الحاج المغربي) ص 7 وما بعدها – مطبعة المخزن بتطوان – ط 1953.
6) د.محمد حجي في بحثه القيم عن الزاوية الدلائية الذي نال به درجة الدبلوم – ص 25 ط 1384هـ/1964م

الزاوية الناصرية والنسب الجعفري الزينبي المغربي وعلاقته بقبائل الجعافرة بجمهورية مصر ..

الزاوية الناصرية والنسب الجعفري الزينبي المغربي   وعلاقته بقبيلة الجعافرة بجمهورية مصر العربية ..