الأربعاء، 15 أبريل 2009

قائمة لساداتنا خلفاء سيدي امحمد ابن ناصر الدرعي الشاذلي

قائمة لساداتنا خلفاء سيدي امحمد ابن ناصر الدرعي الشاذلي

1- العارف بالله سيدي امبارك بن عزي الفلالي
2- العارف بالله سيدي امحمد ابن ابي زيان القندوسي
3- العارف بالله سيدي احمد ابن امحمد ابن ناصر الدرعي
4- العارف بالله سيدي محمد الاعرج ابن امحمد ابن ابي زيان
5- العارف بالله سيدي الحسين ابن امحمد ابن ابي زيان.
6- العارف بالله سيدي ابي مدين ابن محمد الاعرج.
7- العارف بالله سيدي عبد الله الرقاني
8- العارف بالله سيدي عبد الوهاب التازي
9- العارف بالله سيدي احمد ابن ادريس العرائشي
10- العارف بالله سيدي محمد بن علي السنوسي
11- العارف بالله سيدي عمر المختار الليبي
12- العارف بالله سيدي محمد بن سي مو القندوسي
13- العارف بالله سيدي محمد الاعرج بن الحاج البشير
14- العارف بالله سيدي عبد الرحمن بن سيدي محمد الاعرج
15- العارف بالله سيدي الحسين بن سيدي حمو القندوسي
16- العارف بالله سيدي محمد بلقائد فقد اجازه سيدي الحسين بن سيدي حمو ثم سيدي عبد الرحمن بن سيدي محمد الاعرج
17- العارف بالله سيدي علي البودليمي فقد اجازه سيدي الحسين بن سيدي حمو
18- العارف بالله سيدي محمد صالح الجعفري
19- العارف بالله سيدي ابي الاخلاص الزرفاني
20- العارف بالله سيدي محمد زكي ابراهيم
21- العارف بالله سيدي محمد ظافر المدني
22- العارف بالله سيدي عثمان بن رشيد
23- العارف بالله سيدي عباسي محمد المهدي
24- العارف بالله شيخنا الحالي سيدي محمد الاعرج
25- العارف بالله سيدي نور الهدى الابراهيمي

صورة الشيخ ابن الناصر في قصيدة اليوسي

صورة الشيخ ابن الناصر في قصيدة اليوسي



علي المتقي



تعد الزاوية الناصرية إحدى الزوايا الثلاث المشهورة في القرن العاشر إلى جانب الزاوية الدلائية والزاوية الفاسية، اشتهرت بوظيفتها العلمية والاجتماعية والسياسية والدينية، وسط عدد كبير من الزوايا الأخرى التي تدعي العلم والمعرفة. وكانت لهذه الزوايا الثلاث علاقة فيما بينها على الرغم من تباعد مواقعها، إذ كانت تتصل فيما بينها بالتزاور والتراسل والتلمذة. وكان من نتائج ذلك فيما يرى الدكتور محمد حجي أن تشابهت في وسائل عملها ونتائجه[1]. ويرى محمد بن أحمد الفاسي أن العلم في المغرب أحياه ثلاثة من الشيوخ سيدي محمد بن أبي بكر الدلائي وسيدي محمد بن ناصر في درعة و سيدي عبد القادر الفاسي وهم شيوخ هذه الزوايا الثلاث[2].
وقد تأسست هذه الزوايا في القرن العاشر وهو عصر يتسم بازدهار الفكر الصوفي في المغرب الذي كانت مهمته الأولى هداية الناس وتهذيب أخلاقهم ونشر تعاليم الطريقة الشاذلية، ثم تحولت بعد ذلك إلى مراكز علمية تشد إليها الرحال.

تلتقي الزاوية الناصرية مع الزاوية الدلائية في اتصالهما بالإمام الشاذلي وتشابه أورادهما. كما تتلمذ ابن الناصر على يد أحد شيوخ الزاوية الدلائية الفقيه أبو الحسن علي بن يوسف الدرعي تلميذ محمد بن أبي بكر الدلائي. ويعد أبو علي حسن اليوسي أهم صلة تربط بين الزاويتين فقد درس بتامكروت على يد الشيخ ابن الناصر و أخذ عنه عهد الشاذلية وهو ما يزال حدثا، ثم التحق بعد ذلك بالزاوية الدلائية ليصبح بها أستاذا لمدة طويلة تقارب العشرين سنة ظلت خلالها العلاقة بين الزاويتين قائمة. ولعل قصيدته المشهورة التي مدح بها ابن الناصر والتي شرحها في كتابه" نيل الأماني في شرح التهاني"[3]شهادة حية لمكانة هذا الشيخ عند اليوسي خاصة والزاوية الدلائية عامة.

مقدمات

أ ـ كيف نتعامل مع القصيدة ؟

هل نتعامل معها باعتبارها قصيدة مدح على الطريقة العربية القديمة فنرى في اليوسي شاعر مدح يسعى لرسم صورة نموذجية مثالية نمطية للممدوح ليست بالضرورة هي صورة ابن الناصر الحقيقية، و إنما هي صورته الكاملة كما أرادها اليوسي. ومن هنا لا يمكن التعامل معها باعتبارها مصدرا للمعرفة التاريخية عن الزاوية وعن ابن الناصر. أم نتعامل معها بوصفها منظومة للطريقة الشاذلية: وظيفتها و العلاقات الصوفية القائمة بين الشيخ والمريد وأداة للتربية والتكوين على الطرقة الشاذلية. وفي هذه الحال يتراجع الأدب إلى الوراء ليفسح المجال للمؤرخين ليحفروا في عمق القصيدة ويقارنوا بين ما ورد فيها و ما جاء في كتب التاريخ. ومهما كان الجواب فإن للتاريخ حظه و للأدب حظه و للتصوف حظه.

ب ـ تتكون القصيدة مما يزيد عن 540 بيتا من الشعر ليس فيها قافية مكررة. وهو عدد من الأبيات لا يأتيه إلا من أوتي حظا من العلم والمعرفة وموهبة شعرية قل نظيرها. إلا أن أبا علي اليوسي يأبى إلا أن يعتبرها كرامة من كرامة شيخ الغوث الكبير أبي عبد الله محمد بن الناصر الدرعي " فإني والله ليس لي فيها قوة ولا حول ـ يقول اليوسي ـ و إنما هي نفحة من نفحاته وبركة من بركاته."

كيف كانت هذه القصيدة نفحة من نفحات ابن الناصر وبركة من بركاته؟ هذا ما لم يجب عنه اليوسي، و إنما اكتفى بالإشارة على طريقة المتصوفة ولسان حاله يقول:

فكان ما كان مما لست أذكره
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
وإذا كانت هذه القصيدة قد جمعت بين علوم اللغة وعلوم الأدب وآداب التعلم وغيرها من الفنون والعلوم في زمن عمت فيه الغباوة والجهل وتقاصرت الهمم عن علوم اللسان كما يقول اليوسي، فإنني سأقتصر على القسم الخاص بالمدح و الذي يبتدئ بالبيت 230.

يمكن تقسيم هذا القسم إلى ما يلي:

1 ـ الرحلة: تشد الرحال قديما لكسب المال أو لكسب العلم النافع. وقد ابتدأ اليوسي باختيار عند من سيلقي عصاه، فإذا كان المادحون يلقونها عند ابن طاهر، فإن الشاعر اختار شيخ الغوث ابن الناصر وهذا الاختيار يحدد طبيعة رحلة الشاعر، إذ لم تكن هذه الرحلة لهدف مادي سعيا للغنى، إنما لهدف علمي صوفي تكويني، فجاءت الأبيات مبنية على اسم التفضيل بين ابن طاهر وبين ابن الناصر. وقد استعار الشاعر للعلم والمعرفة معجما من حقل الغنى المادي ليثبت أن ما يجب أن يسعى إليه الإنسان هو الغنى العلمي. يقول :

229 لوكان عبـد الله يسمـع نوحتـي
ألقت عصاها رحلتــي وتزود
230 حلا لقد أسمعتها أنـدى يـــدا
منه و أجود بالنفيس المتلـــد
231 وأجم أفضالا و أفسـح جانــبا
منه و أكفى للعويص الأمــرد
232 و أجل مقدارا و أعلـى همــة
منه و أرأف بالغريب الألمــد
233 وأعز منه درى وأوشـك نصـرة
لفتى بأيدي الحادثات ملهـــد
234 و أعم عارفـة و أطهـر ساحـة
وأعف عن جاف له ومـــندد
235 وأبر أفعالا و أزكـى شيمـــة
و أحق بالمجد الرفيع الأنجــد
236 غيث الورى الشيخ ابن ناصر الذي
نصر الله به شريعة احمــــد
237 وأعاد وجه الدين ابيض مســفرا
بهجا مقرا عين كـل موحـــد
إن الصورة التي رسمها اليوسي لابن الناصر بالتأكيد صورة شعرية مادحة جمعت كل أفعال الفضل في شخص الممدوح لتصل به إلى الكمال.

والحديث عن شيخ يجمع كل هذه الصفات يقتضي توكيدَه بالفعل، ولن يكون هناك فعل أقوى وأقنع من دوره في إصلاح حال الشريعة الأحمدية في عهده، إذ بهذا الإصلاح استحق أن يكون عنده شيخ الغوث.

فقد كان العصر عصر بدع وجهل وعادات حتى أقفرت السنة النبوية و انطمست معالم الدين والهدى وساد اتباع الشهوات و الضلالة و الخلاعة والتشدد والغلو.هذا ما يؤكده المرحوم محمد حجي بقوله : تكاثرت الزوايا في المغرب خلال القرنين العاشر و الحادي عشر للهجرة حتى كاد عددها يفوق عدد المساجد، و اختلط فيها أمر الصالحين بمدعي الصلاح من ذوي الأغراض الفاسدة و المشعوذين، وعسر تمييز الطيب من الخبيث." فكان لابن الناصر الفضل في العودة بالدين إلى منابعه الأصلية كتاب الله وسنة نبيه .يقول اليوسي:

249 فكشفت جلباب الجهالة عن سنا
بدر لسائمة الضلال منـــدد
250 بل ضوء صبح بل نهار ناسخ
آياته ليل الشكوك الـــزرد
251 وطلعت في فلك الهداية و التقى
بجلاء محل م الكواكب أسعـد
253 بمغرب و مشرق متيمـــن
متشائم متكـوف متبغــــدد
كناية عن وصول ضوء علمه إلى أقصى المشرق.

ولم تكن هذه الصورة التي رسمها الشاعر للممدوحه مشتركة مع غيره من الشيوخ و الأساتيذ في الزوايا المنتشرة في كل مكان و إنما هو وحيد زمانه الذي بلغ مبلغ الكمال والذي لا نظير له حتى انتفى معه المثنى والجمع. وشيخ هذا شأنه لا يستغنى عنه أبدا ولا بد من أن تشد الرحال إليه.

290 فهو الوحيد ومن يكن في دهره
لم يلقه فكأنه لم يوجــد
291 فرد وليس له نظير فانتفــى
جمع وتثنية لهذا المـفرد
ولهذا وصفه بالهادي المهدي كما وصف مشايخه بالمرشدين الرشد. والأولى أن يكون الإنسان مهديا ليهدي فنقول المهدي الهادي لأن هداية الشيخ تسبق هدايته لغيره، إلا أن التأخير يجعله يصفه بالصفة الغالبة الثابتة عليه وهي صفة المهدي لا الهادي وكذلك المشايخ فصفتهم الثابتة هي أنهم رشد و المتجددة هي المرشدين.

3 علاقة الشيخ ابن الناصر بشيوخه:

إذا كان ابن الناصر واحدا لا تثنية له و لا جمع في زمنه ،فلأنه وارث سر من سبقه من الشيوخ الذين لا يقلون عنه مكانة، فقد بلغوا جميعا مبلغ الكمال، لأنهم نهلوا من شجرة علم واحدة لا تميز بين فروعها فأثمرت الثمار نفسها.

301 ورث الإمام الشاذلي طريقــه
والليث يسري سره للفرهـــد
302سنن تهادته مشايخ قــــادة
لطوالع الزهر الدراري الوقــد
303أعظم بأعلام الهدى الطلاع في
سبل المفاز المرشدين الرشــد
304التائبين العابدين لربهــــم
و القانتين الراكعين السجـــد
305 و السائحين الحافظين حـدوده
والآمرين بها النهاة العبــــد
306 كل له ضرب بقدح فالـــج
فيها وحمل بالحديث المسنــد
309 حتى تناهي لبن ناصر الرضا
بيت القصيد و واسط المتقلـد
310 فأضاء من مصباحهم مصباحه
والفرع يزكو عند طيب المحتدي
312 فكسا الحقيقة بالشريعة فاجتلى
حسناء ترفل في شفوف الأبرد .
فالشيخ إذن له شيوخ وهي إشارة إلى قول أئمة الطريقة "من لم يأخذ أدبه من المتأدبين أفسد نفسه ومن اتبعه" فكما أن الفرع من الشجرة الطيبة يعلو ويطيب عند طيب أصله كذلك المريد يصلح ويفلح بصلاح وفلاح قدوته.

وقد تحدث اليوسى عن سند الطريقة الناصرية وأرجعها إلى أبى الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

ومن خصائص ابن الناصر عند اليوسي الجمع بين الشريعة والحقيقة وهو جمع يميز التصوف المغربي الذي لم يصل في غلوه إلى إسقاط التكليف عن الشيوخ كما نجد عند بعض متصوفي المشرق، كما يسقي مريديه من أحدهما حسب مكانته العلمية فما يقدم للعامة ليس ما يقدم للخاصة ،و هذا ما أشار إليه اليوسي حينما قال

237 وأعاد وجه الدين ابيض مسفرا
بهجا مقرا عين كل موحد
وقد شرح عين كل موحد بالخاص والعام، بل أكثر من هذا، كان ابن الناصر يراعي أحوال الناس من التفرغ والاشتغال فيأمر الرجل العادي أكثر مما يأمر الطالب المهتم بدروسه و يخفف عن المرأة لضعفها ومسؤوليتها.

4 ـ علاقة المريد بالشيخ : بعد الحديث عن الشيخ ابن الناصر وعلاقته بشيوخه، انتقل الشاعر إلى الحديث عن التلمذة. وكان أول شيء يجب التفكير هو اختيار الشيخ الذي تتوفر فيه التقوى والكفاية. فالتقوى للتزود بالدين، والكفاية للتزود بأمور الدنيا. وهما خاصيتان متوفرتان في الشيخ ابن الناصر الدرعي فهو مروض الأنفس والواقف في وجه النفس الأمارة بالسوء منبع الشر. وقد شبه الترويض بالجهاد و الممدوح بالبطل القاهر للعدو.

ومن خصال الشيخ ابن الناصر أيضا أنه صاحب اخلاق عالية وسعت الأنام كلهم، هش في وجوه الوفود، ومن جاءه مروعا فهو آمن. وفوق هذا و ذاك له هيبة العالم .وعلمه علم الخاص والعام لأنه كما سبقت الإشارة يجمع بين علم الحقيقة الذي هو علم الخاصة وعلم الشريعة الذي علم العامة .

وقد وظف الشاعر نسقا استعاريا مطولا مستقى من حقل الخمر لوصف أثر هذا العلم في نفوس المريدين. وهو نسق استعاري معروف عند المتصوفة إذ يشتركان في إطراب النفس واهتزاز الروح معا . وحتى لا يفهم منه الخمر الحقيقية، كان الاحتراس حاضرا بقوة في كل بيت. يقول اليوسي:

358 صهباء ما مزجت بماء غمامة
لكن بماء محاجر لم تجمــــد
359 إيه وما طبخت بنار غير ما
نار الأسى وحرارة لم تبـــرد
360 كرم الخلائق عيصها والعلم لا
كرم الحدائق و انتباذ العنجـــد
361ودنانها الفكر الصفي هواؤهـا
لم يكس من صر الهوى أو يصخد
362 و الكأس قول فيصل في راحة
من مقول صوب الصواب معـود
363 قد صانها صون النفوس و بثها
بث النفيس لأهله لا السمــــد
بعد وصف الخصائص المتوفرة في الشيخ الذي يجب أن تشد إليه الرحال ،انتقل الشاعر إلى نصيحة المريدين، فحدد الصفات التي يجب أن يتجنبها بها المريد وهي الجبن و البخل وعسر الأخلاق و الضعف والبلادة و الحيرة و الفجور و الغفلة عن المروءة. فهذه الخصال تعوق طلب العلا وهي قابلة للعلاج بالرياضة و النفحات الربانية. وبالمقابل يجب أن يتصف بالصفات الآتية، وهي علو الهمة و القوة والفطنة و ترك الراحة والشهوات و عدم التسويف. فليس هناك أضر من الغنى و الشباب والفراغ و تسويف الفعل إلى الكبر، لأن الإنسان يقوى على الفعل و هو شاب ولا يقوى عليه وهو كهل عجوز.إن تسويف الفعل من هوى النفس ، وهي كما سبقت الإشارة عدو الإنسان لذا شبهها الشاعر بالمسنونة المسمومة التي لا تنبو من سيق في هواها، إن لم تقتله بإخراجه من الطاعة إلى المعصية أو من الإسلام إلى الكفر تتعبه وتمرضه وتذبذبه. والمرض لا يشفى إلا بمساعدة طبيب وهو الشيخ الكامل. وإذا كان الدواء لا يكون حلوا وإنما كالحنظل تطبخه وتأكله ، فإنه في الآن نفسه نفيس لا يباع ولا يقتنص إلا بالصبر و المجاهدة و طول التفكر و تدبر الآيات و الأدلة ولا بد له من تربة صالحة لكي ينمو ويتطور وتتعدد ثماره. وأجلها العلم التي تحصل به معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته و أفعاله ومعرفة ما يدور عليه أمر العبد أمسه ويومه وغده. وهذه العلوم الشرعية هي التي تستحق أن تسمى علوما، تتلوها العلوم المساعدة على هذه العلوم( علوم الآلة ) وما تبقى فهو من المباحات و لا فضيلة فيه إلا مجرد ما فيه من كمال الاطلاع على المجهول.وهي معارف تكتسب بالتنسك والتقى والإنابة إلى الله ومن اكتسبها كانت تاجا فوق رأسه .هذه القنن ليست مستحيلة ، فقد تسنمها الجنيد و حزبه فنزلوا بها شرفا لم ينزله أحد فجمعوا بين الشريعة والحقيقة وتميزوا عن من أسقطوا التكليف وعن رهبان اليهود والنصارى .

ويطلب من المريد أن يسلك مسلكهم بالمبادرة والهمة، ويتسلح بالصبر والحزم والهمة، وبعون الله وبالصدق والمحبة، صدق التوجه إلى الله تعالى والتصديق بالهداة الدالين على الله تعالى و محبة الله تعالى و محبة أهله الدالين عليه، ومن الحزم عدم التراجع وعدم التسويف . أما الصبر فهو قوام الأمر، ويميز فيه بين الصبر على الطاعة والصبر على المخالفة ويندرج ضمنهما الصبر على البلاء .

وأول شيء يجب أن يفعله المريد هو:

ـ نسيان أمر الرزق والاستجابة إلى دعوة المولى دون الالتفات إلى ما وراءها. أو التقاعس بالتسويف.

ـ الخروج من الزمن ، وذلك بان يكون ابن وقته دون الالتفات إلى ما قد مضى وما سيأتي اللهم إلا إذا كان فيه قضاء لفريضة أو تزود لحج أو جهاد .

ـ حفظ البطن وما يدخل فيه من قوت .

ـ حفظ الفرج

ـ حفظ الخواطر فلا تهجس إلا بالحق

ـ والتمييز بين الرباني والإنساني و الشيطاني .

ـ حفظ اللسان بإيثار الصمت إلا حيث لابد من الكلام أو عدم التكلم إلا بما هو مفيد.

ـ قتل النفس بكسر شهواتها وعصيانها إلا في أمور الخير.

ـ التسلح بالعلم، علم الصفات المذمومة و المهلكة، و علم الصفات المحمودة المنجية وما تنتهي به الأولى وما تحصل به الثانية.

ولا بد للسلوك والمجاهدة مع ما مر من مشاق من الاستنجاد بالله وبحوله وقوته، فهو سبحانه أحق من يدعى للحاجة. وإذا فسد شيء فباب التوبة مفتوح، وعلى المريد أن يروض نفسه على التوبة كلما زلت به نفسه .

وبما أن الرياضة والمجاهدة وغلبة النفس أمر شاق ويحتاج إلى ما ذكر فلا بد للمريد من دليل ومن مرشد بصير يرشد بالقول والفعل، خبير بمسالك الرياضة يقوي فيه الحزم والعزم ويعالج كل داء بدواء. وهي صفات متوفرة في ابن الناصر، لذا دعا الشاعر المريد إلى لزومه وعدم مفارقته وحط الرحال عنده دون عجز أو كلل فهو صاحب النفحات الربانية التي يغدو بها غير مقلل، رحب الدار. إنه شرف لدرعة لما تسمى باسمها .بل شرف للغرب الإسلامي وللسماوات العلا التي منها روحه فهو غيث الأرض، والدهر طوع يده ببركاته

وشيخ هذه صفاته طبيعي أن يشبه في توجهه إلى المشرق بالشمس ترحل من المغرب إلى المشرق فبعد ما استوفى مقامات اليقين تطلع إلى مقام ابراهيم فتعطل الغرب برحلته وكلما حل ببلد إلا وحلت به بركته.

وبدلا من أن تكون القصيدة هي التي زينت الممدوح فإنه هو الذي زينها بصفاته و الثناء عليه ، وترجو منه القبول لصاحبها والأمان له .إن صاحبها يرجو السعادة في زمن نحس لولا وجود الممدوح فيه. فلما حل بجواره أمن من النفس و الزمن.

ذلك هو ابن الناصر في قصيدة اليوسي شيخ علم وتربية، بلغ مبلغ الكمال .وتعد هذه القصيدة مرجعا أساسا في معرفة الطريقة الشاذلية التي اتبعها ابن الناصر ولم تظهر صورة الشاعر المادح إلا في الأبيات الأخيرة التي خصصها للتهنئة بالحج إلى الديار المقدسة ، لذا فهي قصيدة تعليمية تجمع بين علوم الدين والعلوم المساعدة . وقد أطنب فيها الشاعر إلى اقصى الحدود، شأن كل المادحين ، فإن لم يكن قد أعاد قافية أو رويا فقد أعاد معان متعددة موظفا الأنساق التمثيلية والاستعارية لترسيخ المعنى المراد في أنفس المريدين .






--------------------------------------------------------------------------------

[1]الزاوية الدلائية : المطبعة الوطنية ـ الرباط 1964 ص 56

[2] نفسه : ص56

[3] :نيل الأماني في شرح التهاني : أبو على الحسن بن مسعود اليوسي على قصيدتع الدالية في مدح شيخه الغوث الكبير أبي عبد الله محمد بن ناصر الدرعي. دون طبعة ولا دار النشر ولا سنة الطبع.

الزاوية الناصرية والنسب الجعفري الزينبي المغربي وعلاقته بقبائل الجعافرة بجمهورية مصر ..

الزاوية الناصرية والنسب الجعفري الزينبي المغربي   وعلاقته بقبيلة الجعافرة بجمهورية مصر العربية ..